عن ملتقى بريدة

«ما من منزلٍ تُشرفُ عليه إلاّ ويُمْكنُ أن تقولَ هو غايتي، ثمّ إنّكَ إذا وصَلتَ إليه لمْ تلبثْ أن تخرجَ عنه راحلاً.»
- ابن عربي

تُعدّ الهجرة، على اختلاف مظاهرها وتنوّع أشكالها، ظاهرةً إنسانيةً تترك أثرا عميقا على المجتمعات التي ينتقل منها المهاجرون وإليها، إذ طالما أسهم تنقّلُ الناس الدائم في تمرير الثقافات والأديان والأفكار عبر الحدود المختلفة. لذا فإن الهجرة نشاط حيويّ شائك بسبب علاقتها المعقّدة بالثقافة والهوية والاختلاف. ومع ارتفاع وتيرة الترحال البشري، سواءً كان ترحالا طوعيًا أم قسريًا، أصبحت تجربةُ الإنسان المعاصر لا تخلو من ظروف الانتقال المتكرر التي فرضت عليه نمطا جديدا من البداوة. كما زاد الحراك المجتمعي كثافةً، وتداخلت الثقافات، وتطوّرت الفنون، وظهرت تجليات الهجرة في الأفلام والمسرح والفنّ التشكيلي والأدب والموسيقى. ولم تكن السينما استثناءً، فلأنها فنّ الصورة المتحركة كانت أنسبَ الفنونِ للتعبير عن قضايا الهجرة بمختلف أشكالها.

يمكننا اليومَ ملاحظةُ شيوع مفهوم الهجرة في الأفلام، فقد زاد عدد الأفلام التي تدور حول حياة المهاجرين، وتحديداً أولئك الذين تركوا أراضيهم آملين بالحصول على حياة أفضل. كما يمكننا تتبّع معاني الهجرة ودلالاتها العديدة التي تطوّرت بتطوّر الزمن واختلفت باختلاف القضايا والثقافات والمجتمعات التي ظهرت فيها. لقد برزت الهجرة بوصفها ثيمة غنية ألهمت التجربة الإنسانية التي تصوّرها صورًا سينمائية بديعة تستدعي التناول والوصف والتحليل.

في هذه الدورة من ملتقى النقد السينمائي نحتفي بالأفلام وصُنّاعها الذين ما ينفكّون يكشفون لنا بمعرفتهم ومهارتهم وحدسهم عن منعطفاتِ المستقبل، من خلال التوقعات السينمائية والفتوح التقنية التي مهدّت الطريق لما جاء بعدها. وفيها نركّز على اللحظات المفصلية لابتكارات السينما التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم، بدءًا بعدسة 35 ملم ووصولًا إلى الواقع الافتراضي، وجعلتنا متطلّعين بفضلها إلى مستقبلٍ متغيّرٍ على الدوام.

هكذا استمدت المقاربات السينمائية لمفهوم الهجرة قيمتها من أهمية القضايا المتعلقة بالهجرة، والتي أدركها المخرجون الذين عاشوا في بلاد الهجرة، وذاقوا مرارة الاغتراب، وخبروا تجربة المرور بين ضفّتين والعيش بيْن عالميْن. كما انعكس ثراء الموضوع على الكيفية التي سرد بها صنّاع الأفلام قصص الهجرة والمهاجرين، والأشكال السينمائية التي عالجوا بها موضوعاتهم. وأخيرًا لم تستقِ الأفلام من الهجرة ثيماتها وجمالياتها فحسب، بل لا يمكن تخيّل السينما من دون استحضار أثر المهاجرين الذين أسهموا تاريخيا في صناعتها.

تقف عروض هذه الدورة من ملتقى النقد السينمائي وجلساتها على مفاهيم الهجرة والانتقال والسفر في السينما، وتتناول إشكالية تلك المفاهيم وماهيّتها، وتناقش علاقة التغيرات الزمانية والمكانية بنشأتها وتطورها باعتبارها مفاهيمَ حاضرة في السينما، وتقيس مدى تجسيد الأعمال السينمائية لمفهوم الهجرة من خلال الأشكال السينمائية المستخدمة لتصوير الهجرة والانتقال والسفر.


ملخص البرنامج


ورشة عمل

توليف الأفلام 16:30-14:30

مع رانيا اسطفان رانيا اسطفان

يشكّل التحرير مرحلة جوهرية من مراحل صناعة الفيلم، إذ تنظّم تلك العملية زمنَ الفيلم وتضبطه مع الصوت والصورة، وبذلك يُعتبر التحرير الخطوةَ الأهمّ التي يتكوّن فيها الفيلم، والقوة الدافعة التي تبعث الحياة في الصورة المتحركة. تقدّم ورشة العمل هذه نظرة عامة على تاريخ استخدام عملية التحرير في الأفلام، وتعرّف بالأدوات المستخدمة في تلك العملية، كما تستعرض أنواع التحرير المختلفة التي يُنتج كلٌّ منها نوعًا مختلفًا من السرديات. سيتمكن المشاركون بفضل هذه الورشة من رؤية الأفلام رؤيةً جديدةً، ومن تعلّم قراءة لغة الأفلام، من أجل فهم كيفية إنتاجها.


العروض التقديمية وجلسة حوارية

سينما المهاجرين:
الثابت والمتحول 18:30-17:00

المتحدث د. الحبيب ناصري
د. الحبيب ناصري

يستنبط هذا العرض بعض السمات الفنية والجمالية الخاصة بسينما المهاجرين من خلال استعراض نماذج فيلمية عربية وأفريقية عالجت موضوع الهجرة، لا سيّما الهجرة السرية. ويناقش الطريقة التي تلتقط بها عين المخرج وكاميرته في هذا النوع من الأفلام تفاصيل الألم والرغبة في البوح بعد أن تضيق الحياة بالإنسان في موطنه فيبحث عن أفق آخر يمثل بالنسبة إليه حلمه المفقود. كما يوضح استثمار المخرج السينمائي للمكونات السينمائية، من زمان ومكان وشخصيات ورؤية فنية، ليكشف من خلالها عن العوالم الداخلية لشخصية المهاجر الذي يتمزق واقعه بين عالمين متجاورين. وبهذا يفحص العرض المادة الفيلمية الإنسانية ويفكّكها من زوايا نقدية عديدة من أجل دراسة مكوناتها واستنطاق مفاهيم نقدية وفلسفية وجمالية لا غنى عن تناولها في أي نقاش يدور حول هذا النوع من التعبير السينمائي.

مسار يوسف شاهين بين سينما المهاجر وهجرة السينما18:30-17:00

المتحدث أ. يوسف رخا
أ. يوسف رخا

ينطلق هذا العرض من المحتوى الدرامي والفكري للعديد من أفلام يوسف شاهين، وبخاصة ثلاثية «إسكندرية» و «وداعًا بونابارت»، لدراسة كيف أن تلك الأفلام، فضلًا عن تعامُلها مع الهجرة ولقاء الثقافات كثيمات لها، نجحت في حمل السينما العربية الجادّة إلى الغرب ولفت الأنظار إليها. ويتناول العرض هذه الأفلام في سياق المرحلة الأخيرة من مسار المخرج (1997-2004) والتي أسهمت في نقل السينما العربية من مجالها الإقليمي إلى مهرجانات السينما الكبرى في أوروبا وتأطيرها بما سُمّي في البداية «سينما الجنوب» أو السينما ما بعد الاستعمارية. ثم يناقش العرض الأسئلة الجوهرية المتعلقة بسعي المخرج «المهاجر» إلى البحث عن إنتاج مشترك مع أوروبا والتطلع إلى جوائز المهرجانات الأوروبية، بل وتوجيه خطابه الفكري إلى جمهور «عالمي» إلى درجة أصبحت معها تلك السمات هي السائدة والمعتادة في الإنتاج السينمائي المصري.

السينما والهجرة ومعانيهما في السينما العالمية والمحلية18:30-17:00

المتحدث أ. إبراهيم العريس
أ. إبراهيم العريس

يحدّد هذا العرض بُعدين من الأبعاد التقنية والفكرية والإبداعية التي تزامَنت مع السينما ولازمتها، وهما التحليل النفسي الذي وُلد متزامنا مع بدايات اختراع الصورة المتحركة، والهجرات الجماعية التي تكثفت منذ بدايات القرن العشرين لأسباب اقتصادية واجتماعية وأيديولوجية وغيرها. ثم يدرس تعايش السينما مع البعد الثاني، وهو الهجرة، مناقشا العلاقة بين السينما والهجرة من ناحيتين، تتعلق أولاهما بالسينما من داخلها وتتعلق الأخرى بالسينما من خارجها. فمنذ اللحظة الأولى ارتبطت السينما بالهجرة، ولم يصنع هوليوود سوى حركات الهجرة الفردية والجماعية إليها، حيث قصدها التقنيون والفنانون والمخرجون وكبار المنتجين الذين سرعان ما حوّلوا هوليوود إلى مركز عالمي للإنتاج السينمائي. أما من الناحية الثانية فقد استوعبت السينما الهجرة باعتبارها موضوعا حيويا للأفلام، كما يتضح في عدد كبير من الأفلام الأمريكية والعربية والهندية والمكسيكية. أخيرا يتناول العرض دور الأقليات في صناعة السينما في القرن العشرين، باعتباره هيكلية إنتاجية من جهة ومواضيع حكائية من جهة أخرى، للبرهنة على أن السينما ما تزال المكان الأثير للتعبير عن ذلك الجانب الصحي من عولمةٍ من فضائلها الدنوّ من الآخر ومحاولة فهم ثقافاته.


عرض سينمائي يليه حوار المدوّنين

عَرق البلح (1998) 21:30-19:00

إخراج رضوان الكاشف (1998) إخراج رضوان الكاشف، جمهورية مصر العربية، 110 دقائق

تدور قصة الفيلم في قرية صغيرة من الصعيد المصري يعيش أهلها في فقر مدقع. يصل إلى القرية رجلٌ غريبٌ يدعو الناس إلى السفر للعمل والبحث عن حياة أفضل. يستجيب الرجال لدعوته فيغادرون القرية، تاركين وراءهم النساء والأطفال والعجائز، إضافة إلى رجلٍ عاجزٍ وحفيده أحمد. يكبر الحفيد في هذه الظروف الصعبة ويؤدي دوره باعتباره المسؤول الوحيد عن القرية في ظلّ غياب الرجال عنها.

حوارالمدّونين: عَرق البلح (1998) 21:30-19:00

المتحدثون ضياء يوسف وعبدالله الزيد


اشترك في نشرتنا
الإخبارية لتصلك آخر الأخبار


تواصل معنا

Get In Touch

شركاؤنا