فريق المختبر السعودي للنقد
قد يكون مفهوم النقد من أكثر المفاهيم إشكاليةً؛ فهو من حيث أصل استعماله اللغوي في العربية يعود للعملة والنقود. ثم انتقل هذا المدلول إلى عالم الأدب؛ فصار يشير إلى الحكم على الأعمال الأدبية وتقويمها وتقييمها. واصطلاحيا فإنَّ النقد الأدبي يُعنى بتقدير العمل الأدبي/الفنيِّ ومعرفة درجته أو منزلته بناء على معايير ومناهج وأدوات مختلفة. غير أنّه من الضروريِّ إدراكُ أنَّ النقد ليس تشخيصا للعيوب فقط. بل يُعتبر النقد تحليلا وتفسيرا للأعمال الأدبية والفنية، وفي العادة فإنَّ العملية النقدية تمرُّ بأربع مراحل: الملاحظة، التحليل، التفسير، ثم التقييم. وفي المرحلة الأولى يُقرأُ النص الأدبيُّ ويُستنطق معناه، ثم يحلل الناقد النصَّ ويفككه لعناصره الأولية، ويُتبِعُ ذلك بشرح العلاقة بين الأجزاء والعناصر ومعرفة مراد الأديب، ثم يحكم على العمل الأدبي حكما فنيا موضوعيا.
إنَّ النقدّ في أظهر تجلياته اجتهادٌ ذهنيٌّ ينصبُّ على الأعمال الأدبية والفنية لفهمها وتفسيرها. والنقد بالعموم يتضمن أكثر من مستوى، ولكلِّ واحد من هذه المستويات دوره الرئيس. فهناك المستوى الجمالي الذي ينظر للآداب والفنون بوصفها مصادر لإشباع الحسِّ الجمالي. بالإضافة للمستوى النفسي الباحث في انفعالات النفس البشرية داخل البنيان الأدبي والفني. وكذلك المستوى الاجتماعي الناظر في السياقات والمعطيات الذاتية وعلاقتها بالمحيط وظروف إنتاج العمل.
ولئن كان المبدع -أديبا كان أو فنانا- حرًّا في إبداعه وما ينتجه من أعمال؛ فإنَّ هذه الحرية ليست مطلقة، بل هي حريّةٌ محكومةٌ بسياقٍ تراكميٍّ في الجنسِ الأدبيِّ/الفنيِّ الذي يبدع فيه ومن خلاله. بالإضافة إلى ما تفرضهُ المقارنات الأدبية/الفنية من أحكام ومعايير لدى سادةِ كلِّ فضاء من فضاءات القول والإبداع. ومع هذا؛ فإنَّ المبدع أو الأديب إذا ما قورن بالناقد فهو أكثرُ حريّةً منه. إذ الناقد محكومٌ مقيّدٌ بشروطٍ موضوعية وقوانين يطبقها. وإذا كان مفهوم النقد مشكلا؛ فإنَّ علاقة الأديب بالناقد إشكالية أيضا. فقد يكون الناقد نفسُه مبدعا.