د. أروى خميّس
من منا لا يعرف ليلى ورداءها الأحمر؟ الذئب والجدة والنهاية التي انتهت إليها القصة..
كُتبت هذه القصة الكلاسيكية في القرن السابع عشر على يد الفرنسي تشارلز بيرو وكانت هذه النسخة تنتهي بنهاية قاسية، إذ يلتهم الذئب ليلى وجدتها ولا يتم إنقاذ أيٍّ منهما، أما النسخة الأخرى المعروفة من القصة فقد كتبها الأخوان غريم في ألمانيا في القرن التاسع عشر، وهي النسخة الأكثر شهرة إذ كانت نهايتها سعيدة حيث تنجو ليلى وجدتها على يد الصياد. هذه القصة هي واحدة من القصص الخيالية الشعبية التي انتشرت في العديد من الثقافات حول العالم، وقد كُيِّفت وحُولِّت إلى أشكال متعددة على مر العصور.
في الكتاب الأصلي للفرنسي تشارلز بيرو تنتهي القصة بعبارة: وقد تعلمت ليلى ألا تحادث الغرباء..
فلماذا كانت هذه النتيجة "غير المفيدة" هي مغزى الكاتب من القصة؟ في القصة نرى تعدد شخصياتها بين ليلى التي تمثّل البراءة الطاهرة أو ربما الأنوثة الساذجة، والذئب الذي يمثّل الشر الآثم أو الذكورة الماكرة، والجدة التي تمثّل الحكمة الضحية، والصياد في نسخة القصة الأخيرة والذي يمثّل السلطة الأبوية.
كل هذه المعاني تتّحد معا لتفسر لنا شيئا من الحقبة الزمنية التي كُتبت فيها هذه القصة وتداعياتها وشيئا من مفاهيمها حول الطفولة والذكورة والأنوثة والنسوية والسلطة والشر، ولعل الاختلاف في النسخة من القصة التي كُتبت في القرن السابع عشر وتلك التي كُتبت في القرن التاسع عشر يرجع للظروف التي كانت تعيشها أوروبا، ففي القرن السابع عشر كانت أوروبا تعيش تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية كبيرة تمثلت في خضوع المجتمع لنظام الطبقات الصارم حيث كان الارستقراطي/الذئب يحتل القمة، يليه البرجوازي ثم الفلاح الفقير في القاع والذي قد ترمز له ليلى أو الجدة.