نقد وتأريخ الشعر
تعد أبيات المعاني بابًا من أبواب الشعر الذي كان مقدَّمًا عند الأوائل، يلجؤون إليه إذا أشكل عليهم شيء من كتاب الله، أو أعياهم تفسيره. وكانوا يتطارحونه في مجالسهم، حيث يعنون بالبحث عن أسرار الاستعمالات والتراكيب، ويستخرجون خبايا المعاني منه. وقد ارتبطت نشأة البحث في هذا النوع من الشعر بالدراسات اللغوية التي وُضعت لخدمة كتاب الله - عزَّ وجلَّ -، حيث يدور هذا الباب حول التراكيب الغريبة والأساليب الفصيحة ومذاهب العرب في البيان، مما اعتمد عليه الأوائل في تفسير القرآن الكريم. إلى جانب ذلك، فإن أبيات المعاني -من الناحية الفنية- تمثّل مستوى رفيعًا في الشعر العربي، لما تضمّنته من معانٍ دقيقة وأخيلة غريبة، مما أفاد الشعراء وأثّر في الإبداع الأدبي. ومع أن هذه الأبيات حظيت بعناية من علماء العربية في التراث الأدبي، حيث أفردوا لها المؤلفات واهتموا بتفسيرها، إلا أنها لم تلقَ اهتمامًا كافيًا من الباحثين المحدثين. ومن هنا تأتي أهمية هذه الدراسة، التي تتجه إلى الأبيات التي أطلق عليها القدماء "أبيات المعاني"، وألّفوا حولها كتبًا عُرفت بهذا الاسم أو تحت عنوان "معاني الشعر".