• نقد وتأريخ الشعر

    القصيدة العربية الحديثة بين البنية الدلالية والبنية الايقاعية

    اسم المؤلف

    د . محمد صابر عبيد

    إن الشعر، كما يراه مالارميه، هو التعبير باللغة البشرية وقد أُعيد إلى إيقاعه الأساسي، إيقاع المعنى الغامض لمظاهر الوجود. بمعنى أن شرط الشعر ينبع من اكتساب لغته إيقاعًا خاصًا يتشكّل من قوة الغموض الكامنة في الطبقات العميقة للمعنى، تلك التي تحاول تفسير مظاهر الوجود المعقّدة تفسيرًا شعريًا. ومع ذلك، فإن دخول موسيقى الشعر بوصفها نظامًا قائمًا على أسس وقواعد وقوانين منطقية ورياضية، قد زاد من انتظام الفعالية الإيقاعية في النص الشعري، وفسّر في الوقت ذاته إشكالية الغموض والقوة فيه، إذ نقل هذه الإشكالية من فضائها السحري الغيبي إلى بُنية القول الشعري، حيث تُمارَس كأداء فاعل، متجاوزةً الوظيفة التقليدية الصرف للإيقاع. هذا النظام الجديد، بقوانينه ونظمه وقواعده المحددة والواضحة، ينطوي على إمكانات قابلة للانكشاف بمرور الزمن وتعقيد التجربة الشعرية وتعميقها. وهو يتقدّم بوصفه بنية رمزية تستمد مفاتيحها من شبكة الدلالات التي تمتزج بها، وتنقلها من حالة الحياد داخل حدودها الرياضية المجرّدة إلى صورة انحياز، يستنبط كل عناصر الحياة والإبداع، ويتجوّل في هذا الواقع المجرّد، محوّلًا إياه إلى جزء متفاعل في التجربة الشعرية.