البعد السيكولوجي للإذلال العائلي في رواية أغلال عرفة دراسة نقدية أدبية

ابتسام التويجري

المقدمة

موضوع الإذلال العائلي في الأدب هو موضوع شائك ويثير الاهتمام، وفي السياق الروائي والأدبي يُعَدُّ واحدًا من الموضوعات الحساسة والمهمة التي تفتح أبوابًا للدراسة والتحليل العميق؛ إذْ يُمثِّل نقطة تلاقٍ بين الواقع والخيال. يمكن أن تكون له تأثيرات عميقة وسلبية في الأفراد، وهذا ما يؤثر في تفكير الشخص وسلوكه وعلاقاته مع الآخرين. يتضمن هذا المفهوم مجموعة متنوعة من التجارب والتصرفات داخل بيئة الأسرة، مثل: السيطرة الزائدة، والتهميش، والإهمال، إضافة إلى العنف النفسي أو الجسدي. تُعدّ رواية "أغلال عرفة" مادة خصبة لدراسة هذا الموضوع، خاصةً في ظل عدم وجود دراسات سابقة عليها. سنعتمد في دراستنا على منهج التحليل النفسي للأدب، الذي يتيح فهم الدوافع النفسية والشعورية الكامنة وراء سلوكيات الشخصيات في الرواية، وفقًا لنظرية سيغموند فرويد عن منهج التحليل النفسي، التي تركز على كشف الانفعالات الراسخة في اللاشعور أو أعماق العقل الباطن"[1]. لذلك، يمكن لنظرية فرويد أن تكون أداة قوية لتحليل هذا الموضوع. على صعيد آخر، يمكن الاستعانة بأفكار الناقد الأدبي عباس محمود العقاد الذي اهتم بتحليل الشخصيات الأدبية[2]، واستكشاف الأعماق النفسية للكتّاب والأبطال على حد سواء في أعمالهم.

بهذه الطريقة، يمكّننا الدمج بين منهج فرويد النفسي ومنهج العقاد النقدي من تقديم تحليل متكامل ومعمق لموضوع الإذلال العائلي في رواية "أغلال عرفة"، وكيفية تفاعلها مع بيئتها الأسرية والظروف المحيطة بها.

أهمية هذه الدراسة تتجلى في تقديم تحليل متكامل ومعمق لموضوع الإذلال العائلي في رواية "أغلال عرفة"، وكيفية تفاعلها مع بيئتها الأسرية والظروف المحيطة بها. وعلى الرغم من وجود دراسات نقدية سابقة تناولت صور الإذلال العائلي وآثاره في الشخصيات ضمن السياقات الروائية والأدبية، على سبيل المثال لا الحصر، غادة البياضي. "النقد النفسي والرواية العربية: دراسة تحليلية لمسارات الشخصية الروائية"[3]. نور سليم. "النقد النفسي في الأدب العربي: مبادئ وتطبيقات[4].

يظهر في بعض هذه الدراسات تركيزٌ على الجنس الأنثوي. وفي هذه الورقة النقدية، سنتجاوز الحدود المألوفة لنستكشف بعمق وعناية جانبًا مهمًا وغالبًا ما يجري تجاهله: البعد النفسي على الجنس الآخر (الرجل) في شخصيات رواية "أغلال عرفة" للكاتب السعودي عبد الرحمن سفر، بتركيز نقدي، مستخدمة أدوات المنهج النفسي، والمقارنة بين الشخصيات مع التركيز على جوانبها النفسية والعاطفية في سياق الرواية؛ بهدف فهم كيفية تأثير الإذلال العائلي في تطور الشخصيات وتشكيل الرواية.


ستتكون الدراسة من مبحثين رئيسين:

المبحث الأول: دراسة الإذلال العائلي من منظور نفسي، وتعريفه، وأنماطه، وآثاره.
المبحث الثاني: إظهار الآثار النفسية للإذلال العائلي في تحولات الشخصيات في الرواية.

ختامًا، ستقدم هذه الدراسة نقدًا شاملًا لرواية "أغلال عرفة"، مسلطة الضوء على التأثيرات النفسية العميقة ومخرجاتها النفسية، مما يعزز فهمنا لهذا النوع من الأدب في السياق السعودي الحديث.

المبحث الأول

دراسة الإذلال العائلي من منظور نفسي والتعرف على أنماطه وآثاره:

الإذلال العائلي هو مصطلح يشير إلى السلوكيات أو الأنماط في العلاقات العائلية التي تسبب الشعور بالإذلال أو الإهانة لأحد أفراد العائلة. من أوائل الذين تحدثوا عن هذا الموضوع هو الطبيب النفسي النمساوي ألفريد أدلر، الذي اهتم بدراسة الديناميات العائلية وأثرها في الأفراد. من المعروف أن الإذلال العائلي له تأثيرات سلبية في الأفراد، خاصة الأطفال، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية والعاطفية، وقد يؤثر في تطورهم الاجتماعي والعاطفي بصورة سلبية. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي الإذلال العائلي إلى نمط سلوكي يتكرر مع الأجيال اللاحقة، مما يؤدي إلى تكرار دائرة العنف والإهانة في الأسرة. "إذلال الأطفال: الاستبداد والتعليم" للمفكر الأمريكي أليسون ميلر، أحد الكتب المهمة التي تناولت هذا الموضوع، حيث يقدم هذا الكتاب نظرة عميقة إلى كيفية تأثير سلوك الآباء والأمهات في نمو الأطفال وتطورهم النفسي. ويسلط الضوء على العلاقة بين السلطة والتعليم في العائلة وكيف يمكن أن يؤثر ذلك في شخصية الأطفال وثقتهم بأنفسهم. كما يمكن الاطلاع على كتاب "الإذلال العائلي: كيف تنشأ الأسرة الدموية وكيف تدمر الأشخاص" للمؤلفة سوزان فوروارد، الذي يقدم تحليلًا شاملًا لتأثير العلاقات الأسرية في الأفراد، وكيف يمكن التغلب على هذه السلوكيات الضارة.

يستخدم مصطلح الإذلال العائلي في الأدب بوصفه وسيلة لإبراز صراعات الشخصيات الداخلية؛ إذْ يكشف النقاب عن الأبعاد النفسية، ويعرض نتائج الإساءات العاطفية والنفسية على نموهم وتطورهم. تُعدّ الرواية مجالًا غنيًا لاستكشاف العواطف الإنسانية وتحليل العلاقات الاجتماعية، ومن بين القضايا الرئيسة التي يتناولها الكاتب[5] في روايته "أغلال عرفة" هي قضية الإذلال العائلي، فالرواية تبرز العديد من أشكاله المتنوعة، مثل: الإساءة اللفظية، والتجاهل العاطفي، والتحكم المفرط، وهذا يعكس تجارب حقيقية يعيشها الكثير من الأفراد في حياتهم اليومية.

سيدرس في هذا المبحث ظاهرة الإذلال العائلي من منظور نفسي، مع إلقاء الضوء على أنماطه الشائعة في العلاقات الأسرية وكيفية تأثيرها في الأفراد، ويهدف هذا التحليل إلى فهم تأثيرات الإذلال العائلي النفسية والعاطفية في الشخصيات الأدبية وتكوينها فهمًا عميقًا، وذلك من خلال الدراسات النفسية وتحليل الرواية نفسيًّا، ويمكننا من خلاله تعرف أنماط هذا الإذلال المختلفة، مثل: الإهمال العاطفي، والتحكم المفرط، والعنف اللفظي أو الجسدي، وسنستكشف آثار الأنماط النفسية في الشخصيات، مثل: انخفاض الثقة بالنفس، والاكتئاب، والصراعات الداخلية، وأيضًا سنسعى إلى فهم الإذلال العائلي كظاهرة نفسية معقدة تؤثر في نمو الشخصيات الأدبية وتطورها في الرواية.

الإذلال العائلي: مفهومه وأشكاله

بما أن العائلة هي أول بيئة اجتماعية يتفاعل معها الفرد، وتشكل أساسًا مهمًّا في بناء شخصيته وتكوينه النفسي، فقد تواجه العديد من الأسر التحديات والصعوبات التي تؤثر في ديناميكيتها الداخلية، ومن بين هذه التحديات تبرز مشكلة الإذلال العائلي.

مفهوم الإذلال العائلي[6]

الإذلال العائلي هو شكل من أشكال الإساءة النفسية والعاطفية التي يمارسها أحد أفراد العائلة، غالبًا الأبوين، على أحد أفراد الأسرة. هذا النوع من الإساءة يهدف إلى تحطيم كرامة الضحية، وإشعارها بالدونية والاحتقار من خلال مجموعة من الأساليب التي تتعرض لها الشخصيات الأدبية مثل: الانتقاد المستمر، والتقليل من قيمة الإنجازات، والسخرية، والتحكم المفرط، فيترك أثرًا عميقًا في نفسياتهم وتكوين شخصياتهم.

أنماط الإذلال العائلي[7]

تُعدّ أنماط الإذلال العائلي ظاهرة متنوعة وشائعة في العديد من الثقافات، وتتجلى في مجموعة متنوعة من السلوكيات والأنماط التي تنطوي على السيطرة والقسوة داخل الأسرة، ويمكن أن تدمر العلاقات الأسرية، وتسبب تأثيرات نفسية وعاطفية خطيرة في أفراد العائلة. إذن، من المهم فهم أن الإذلال العائلي ليس ظاهرة محددة بنمط واحد، بل يمكن أن يتجلى بأشكال متعددة وفقًا لظروف كل أسرة وديناميكياتها الفردية، وفهم أنماطه يتطلب النظر إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الثقافة، والقيم الاجتماعية، وتاريخ الأسرة، والتفاعلات بين أفرادها. وإليك بعض أنماطه الشائعة على سبيل المثال لا الحصر:

  • التحكم المفرط: يتميز هذا النمط بسيطرة الوالدين أو شخص معين داخل الأسرة بصورة مفرطة على حياة باقي أفراد الأسرة. يتخذ المسيطر قرارات من دون مراعاة رغباتهم أو احتياجاتهم، وتحديد سلوكياتهم وأنشطتهم بطريقة قاسية ومستبدة، فيؤدي الأمر إلى شعور الأفراد بالقهر والإرهاق وفقدان الثقة بالنفس.
  • الإهمال العاطفي: يُعدّ من الأنماط الأكثر شيوعًا، ويتمثل في نقص الاهتمام والرعاية العاطفية من أحد الوالدين أو كليهما، ويمكن أن يتسبب بشعور الأطفال بالوحدة والعزلة وعدم الانتماء، ويؤثر سلبًا في تطورهم النفسي والعاطفي.
  • الإذلال اللفظي والجسدي: يتعرض الشخص للتعنيف الجسدي أو استخدام الكلمات الجارحة والمهيمنة، أو التهديد بالعنف كوسيلة للسيطرة على الآخرين داخل الأسرة. يمكن أن يسبب العنف اللفظي تأثيرات نفسية عميقة في الأفراد، مثل: انخفاض الثقة بالنفس وزيادة مستويات القلق والاكتئاب.
  • التقدير غير المناسب: يشمل هذا النمط عدم تقدير أعمال الأفراد داخل الأسرة، سواء أكان ذلك بسبب التقليل من قيمة إسهاماتهم أم تقديم تقدير غير ملائم لجهودهم.[*] يمكن أن يؤدي إلى شعورهم بعدم الاهتمام، والاستهانة بمشاركتهم وإسهاماتهم، فيؤثر في الثقة بالنفس والحالة العاطفية.

  • [1] https://www.filsof.com/2022/08/freuds-psychoanalytic-theory.html
  • [2] https://www.hindawi.org/books/83160620/4/
  • [3] عمّان: دار اليازوري الدولية، 2017.¹، (تحليل نفسي نقدي لرواية "ثلاثية غرناطة" لرضوى عاشور).
  • [4] القاهرة: دار الشروق، 2017. (تحليل نفسي نقدي لرواية "الأب" لكمال الجندي).
  • [6] نظرية فرويد.
  • [7] كتاب النقد والنقاد المعاصرون، محمد مندور، مؤسسة الهنداوي للتعليم والثقافة، 2022- المراجع.
  • [*] مظاهر العنف السري ضد الأطفال وأثــره علـى المجتمع وإستراتيجيات الحد من هـــذه الظاهرة د. ابتســـام ســـالم خليفـة -كلية التربية العجيلات- جامعة الزاوية. المراجع.
  • [*] "العنف الأسري والعدوان وتوكيد الذات لدى الأبناء" مجلة بحوث التربية النوعية، علاء محمود جاد الشعراوي، وليد محمد أبو المعاطي، محمد أحمد أحمد عيسى، 2013م، المراجع.
أنماط الإذلال العائلي في الرواية

في رواية "أغلال عرفة" يوضح الكاتب أنماط الإذلال العائلي من خلال عدة مشاهد تُظهر تعامل الأب مع ابنيه عرفة وطارق. تتضمن هذه الأنماط الإذلال الجسدي، واللفظي، والنفسي. لنلقِ نظرة على كل منها:

الإذلال الجسدي:

تتجلى صورة الإذلال الجسدي في حادثة تعرض لها عرفة وهو في الثالثة من عمره. في هذا المشهد، تسلل عرفة إلى قبو المنزل وبقي محبوسًا هناك حتى عثرت عليه والدته بعد ساعات من البحث. عند عثورها عليه صفعه والده على وجهه بسبب "غبائه"[*]، وزجر والدته على إهمالها. هذه الصورة توضح كيف يستخدم الأب العنف الجسدي بوصفه وسيلة للتأديب والسيطرة، ويزرع الخوف، ويقلل شعور الأمان لدى الطفل.

الإذلال اللفظي:

في مشهد تعرض طارق للإذلال اللفظي، يمكن رؤية أثر الكلمات الجارحة المدمر في نفسية الطفل. عندما شكا لوالده من سخرية أطفال الحارة رد فعل الأب كان بصَفْعه، وأمره بالكف عن البكاء والتذمر، مؤكدًا له أن السخرية ستستمر ما استمر ضعفه وخنوعه[*]. هذا المشهد يبين كيف تُستخدم الكلمات الجارحة لإذلال الطفل وتقويض ثقته بنفسه، ويعلمه أن التعبير عن مشاعره غير مقبول، وأنه يجب أن يتعامل مع الإهانة بصمت.

الإذلال النفسي والعاطفي:

في مرحلة المراهقة يعاني عرفة من الإذلال النفسي والعاطفي، وهذا يظهر في كيفية تعامل الأب مع مشاعر ابنه وعدم اكتراثه بها، وذلك عندما سخر منه معلمه وضحك عليه أقرانه. عندما شكا لوالدته ما حدث ظل والده يستمع إليه صامتًا، ثم علق قائلًا إن جمال الوجه سمة الرقعاء والمخنثين"[*]، فبدلًا من الحصول على الدعم والتفهم، واجه ردة فعل قاسية من والده الذي استهزأ بمشاعره، ووصف جمال الوجه بسمة الرقعاء والمخنثين. هذا النوع من الإذلال عزز شعور عرفة بالدونية، فهو يضرب في صميم ثقة المراهق بنفسه، ويجعله يشعر بالعجز عن التعبير عن مشاعره، ويشعر بالوحدة وعدم الأهمية.

مثال آخر على الإذلال النفسي هو عندما رأى والد عرفة ابنه واقفًا عند باب غرفته، وسأله بلهجة مليئة بالازدراء: "ما بال وجهك مصفر كالخائب يوم السؤال؟" وبرغم أن عرفة قدم تفسيرات لسبب وقوفه، استمر الأب في توبيخه قائلًا: "سود الله وجهك وأنار دربك، عبد الجبار الميمون صحابي! يا خيبتي في تربيتك!"[*] هذا المشهد يوضح كيف يمكن أن تُستخدم الإهانات اللفظية المستمرة لتحطيم الروح المعنوية للفرد، بغض النظر عن محاولاته لتبرير أفعاله أو توضيح مواقفه.

توضح هذه الأنماط كيف يمكن للإذلال العائلي أن يؤثر سلبًا في نمو الأطفال والمراهقين النفسي، ويترك جروحًا عميقة تحتاج إلى وقت طويل للتعافي. الرواية تسلط الضوء على واقع مؤلم يعاني منه العديد من الأفراد داخل أسرهم، وتظهر تأثيراته النفسية العميقة والدائمة.

المبحث الثاني

آثار الإذلال العائلي النفسية في تحولات الشخصيات في الرواية:

يتضح أثر الإذلال العائلي النفسي في تحولات الشخصيات من خلال العديد من الجوانب التي تتأثر سلبًا عند تعرض الطفل للعنف الجسدي والإذلال في بيئته الأسرية، ففي مشهد تعرض طارق للإذلال اللفظي، يمكن رؤية الأثر المدمر للكلمات الجارحة في نفسية الطفل. عندما شكا طارق لوالده من سخرية أطفال الحارة منه، كان يتوقع[*] دعمًا وتفهمًا من والده. بدلًا من ذلك كان رد فعل الأب قاسيًا ومهينًا. الأب لم يكتفِ فقط بعدم التعاطف مع مشاعر طارق، بل صفعه وأمره بالكف عن البكاء والتذمر. هذا التصرف من الأب يحمل عدة أبعاد:

  • استخدام الكلمات الجارحة: عندما قال الأب لطارق إن السخرية ستستمر ما استمر ضعفه وخنوعه، فإنه يعزز فكرة أن المشكلة في طارق نفسه. هذه الكلمات زرعت في ذهنه شعورًا بالذنب والعار، وجعلته يعتقد أن سخرية الآخرين منه مبررة، وأنه يستحقها بسبب ضعف شخصيته.
  • تقويض الثقة بالنفس: بدلًا من تقوية شخصية طارق ودعمه ليكون أقوى في مواجهة التنمر، يزيد الأب من شعوره بالضعف والخنوع. الطفل في هذه الحالة أدرك أنه لا يستطيع الاعتماد على والده للحماية أو الدعم العاطفي، وهذا ما أدى إلى تدهور ثقته بنفسه.
  • قمع التعبير عن المشاعر: صفعة الأب وأمره بالكف عن البكاء والتذمر يحملان رسالة واضحة: أن التعبير عن مشاعر الحزن والضيق غير مقبول. تعلم طارق من هذا الموقف أن إظهار مشاعره سيقابَل بالعقاب والإذلال، فجعله يقمع مشاعره الداخلية ويشعر بالعزلة العاطفية.
  • تعليم الصمت على الإهانة: من خلال هذا التصرف عزز الأب فكرة أن طارق يجب أن يتحمل الإهانة بصمت، وألا يتوقع أي دعم عند التعرض للظلم.

هذه الدروس التي يتعلمها الطفل من والده تشكل تصوره عن العلاقات الإنسانية، وتؤثر في سلوكه مستقبلًا، فقد يصبح أكثر عرضة لقبول الإهانة وعدم الدفاع عن نفسه.

شخصية طارق

يتعلم الأطفال من والديهم دروسًا تؤثر بعمق في تصورهم للعلاقات الإنسانية، وتشكل سلوكهم في المستقبل. يظهر هذا المشهد بوضوح كيف يمكن للإذلال اللفظي أن يدمر نفسية الطفل، ويجعله عرضة للقبول بالإهانة وعدم الدفاع عن نفسه، فبدلًا من الشعور بالدعم والحب، يشعر طارق بالإهانة والرفض، وهذا يؤثر في تطوره النفسي والاجتماعي بصورة سلبية طويلة الأمد.

التحول النفسي في شخصية طارق

في البداية كان طارق طفلًا وديعًا يتجنب الشجار والعراك مع أقرانه. ومع مرور الوقت، تحول إلى طفل عنيد مؤذٍ، يتسم بالقسوة والسادية وهو في السادسة من عمره. يمكن تفسير هذا التحول من منظور فرويدي بأنه نتيجة الكبت والعدوانية المكبوتة التي نتجت من سوء المعاملة والإذلال اللذين تعرض لهما. عند ولادة أخيه عرفة تلقى الأخير اهتمام والديه على حساب طارق، وهذا ما أدى إلى تطور مشاعر الأنانية والحسد تجاه "سارق" حنان والديه واهتمامهما. هذا الحسد ظهر بوضوح عندما دخل عرفة السجن، فقد قرر طارق تكليف محامٍ للدفاع عن عرفة، ولكن كان هدفه الفعلي تبرئة حبيبته سمية التي سجنت. وعندما رفض عرفة الاعتراف بجرمه، أوقف طارق المحامي عن الدفاع عنه.

التعنيف من المؤدب (سيبويه)

تعرض طارق للتعنيف من المؤدب "سيبويه" الذي كُلف من والده بتعليمه النطق السليم وتصحيح لغته. وبرغم إدراك والده قسوة المؤدب وميوله السادية، استمر في إرساله إليه. انعكست هذه التجارب القاسية على طارق فزادت عدوانيته وحنقه. تفاقم الوضع عندما تعرض طارق للاغتصاب المتكرر من "سيبويه" تحت التهديد المستمر. عانى من الإذلال اللفظي والجسدي، وهذا ما دفعه إلى محاولة الالتزام بتعليمات المعتدي والحد من طيشه. ومع ذلك، استمر "سيبويه" في تضخيم هفوات طارق وممارسة العنف الجنسي عليه. بلغت الأمور ذروتها عندما شاهدهما أخوه الصغير عرفة الذي لم يتجاوز عمره الثالثة. زادت معاناة طارق النفسية أيضًا، فقد شعر بعبء إضافي لحماية أخيه من المعتدي، وزاد من شعوره بالعجز والخوف.

التحليل النفسي وفق فرويد والعقاد

وفقًا لنظرية فرويد يمكن تفسير سلوك طارق كاستجابة للصدمات النفسية المتكررة التي تعرض لها. الكبت الجنسي والإذلال اللفظي والجسدي أديا إلى تشويه نفسيته وتغيير سلوكه. ظهرت عليه علامات التماهي مع المعتدي، مما دفعه لتبني سلوكيات غير تقليدية، كالحديث والمشي بطريقة أنثوية ورغبته في ارتداء ملابس الفتيات. فرويد يقدم تفسيرًا عميقًا لكيفية تأثير الكبت والصدمات النفسية في تشكيل الشخصية. سلوكيات طارق غير التقليدية وميوله الأنثوية يمكن فهمها كاستجابة نفسية لتعويض النقص العاطفي، والبحث عن هوية جديدة تتيح له الهروب من واقعه الأليم. من هذا المنظور الفرويدي يمكن عد سلوك طارق رد فعل على الكبت النفسي، والصدمات المتكررة التي تعرض لها. العنف الجنسي والإذلال المستمران شوها نظرته إلى نفسه والآخرين، وتطورت لديه مشاعر العدائية والسلوكيات السادية كآلية دفاعية لمواجهة الألم النفسي.

وفق تحليل العقاد يمكن تفسير الظاهرة التي تعرض لها طارق بأنه عانى من انكسار نفسي عميق جعله ينكفئ على ذاته، ويتبنى سلوكيات تعبر عن هروبه من واقعه القاسي. الاضطراب النفسي الذي أصابه دفع والديه لإرساله إلى طبيب نفسي في محاولة لمعالجة هذا الانحراف السلوكي. يمكن عدُّ طارق ضحية لبيئة قاسية أثرت بعمق في تطوره النفسي، فدفعته إلى تبني سلوكيات غير تقليدية كوسيلة للهروب من واقعه الأليم.

شخصية عرفة

أولًا، من منظور فرويد تتجلى تأثيرات العلاقة المضطربة بين عرفة ووالده من خلال نظرية الانغماس في الذات. يرى فرويد أن الروابط العائلية تشكل اللبنة الأساسية لتكوين الشخصية، وأن التوتر والنقمة تجاه الوالدين يمكن أن يؤدي إلى نشوء أنماط سلوكية ونفسية معقدة. يعاني عرفة من صراع داخلي بين حبه ووالده وكرهه إياه، فيسبب له حالة دائمة من القلق والتوتر النفسي. وعند دراسة شخصيته وفق منهج فرويد تبرز أهمية دور اللاشعور وآليات الدفاع.

  • عقدة أوديب: يظهر من كلام عرفة عن والده أنه كانت لديه مشاعر مختلطة من الحب والكراهية نحوه. قد يفسر فرويد ذلك بأنه جزء من عقدة أوديب، فالطفل يتنافس مع الوالد وهما من الجنس نفسه، وذلك للحصول على حب الوالد من الجنس الآخر.
  • الأنا والأنا الأعلى: والد عرفة يمثل الأنا الأعلى، أو الضمير المثالي. يشعر عرفة أنه لم يكن قادرًا على تحقيق توقعات والده الصارمة، فيشعر بالذنب والدونية.
  • النزاع الداخلي: عرفة كان يعاني من نزاع داخلي بين رغبته في الاستقلال واستكشاف حبه التاريخ والأدب، وبين رغبة والده في أن يتبع طريقًا دينيًّا صارمًا. هذا النزاع قد يؤدي إلى تطور إحساس العدمية الذي كان يشعر به عرفة.
تكوين الشخصية

تكوين الشخصية يعتمد على مجموعة من العوامل النفسية التي تشكل هويتنا وسلوكنا. يشير الهو إلى الجزء اللاواعي من النفس الذي يضم الرغبات الغريزية والدوافع الأولية. في حالة عرفة، يمكن رؤية تأثير الهو من خلال ميله الفطري نحو حب التاريخ والأدب، الذي قمعه والده مما أدى إلى تراكم التوتر والضغط النفسي. أما الأنا، فهو يتوسط بين الهو والأنا العليا، ويحاول تلبية رغبات الهو بطرق واقعية ومقبولة اجتماعيًا. عرفة حاول التكيف مع توقعات والده العالية ومعايير المجتمع، لكنه واجه صراعًا داخليًا بين رغباته الشخصية والضغوط الخارجية. أما الأنا العليا، فتمثل القيم والمبادئ الأخلاقية المستمدة من الوالدين والمجتمع. بالنسبة لعرفة، تتجلى الأنا العليا في المبادئ الدينية والتقاليد الصارمة التي فرضها والده عليه. هذا التناقض بين رغباته الشخصية وتوقعات والده أدى إلى شعور عميق بالذنب والخجل.

آليات الدفاع

آليات الدفاع هي الأساليب التي يستخدمها الفرد لتخفيف القلق والتوتر عندما يواجه صراعًا داخليًا بين ما يرغب به الشخص وبين ما يطلبه منه الآخرون أو المجتمع. في سياق شخصية عرفة، نجد بعض الآليات الدفاعية الواضحة. على سبيل المثال، يمكن أن يكون للكبت دور في تفسير سلوك عرفة، حيث يكبت مشاعره تجاه والده ورغباته في مجالات معينة مثل: الأدب والتاريخ، مما يؤدي إلى تراكم التوتر والقلق لديه. إضافة إلى ذلك، يظهر الإسقاط في علاقة عرفة بوالده، حيث يمكن أن يفسر غضبه تجاه والده على أنه عبارة عن تحويل لمشاعر الغضب والكره الذاتية التي يشعر بها تجاه نفسه. أما بالنسبة للإنكار، فقد استخدم عرفة هذه الآلية لتجاهل وجود أخيه وعدّه ميتًا؛ لحماية نفسه من الصدمة النفسية التي قد تحدث نتيجة لحادثة الاغتصاب التي شهدها. وأخيرًا، يمكن رؤية الانفصام في سلوك عرفة، حيث يعبر عنه من خلال التشخيص الذي تلقاه كمصاب به، حيث تُعدّ هذه الآلية دفاعًا يحاول من خلالها الفرد الحفاظ على تماسك الذات والتقليل من تأثير التجارب الصادمة.

الشعور واللاشعور

الشعور واللاشعور هما جوانب مهمة في النفسية البشرية. يحتوي اللاشعور على الأفكار والرغبات والمخاوف التي لا يدركها الشخص بوعيه. في حالة عرفة، يمكن أن تكون لديه رغبات مكبوتة، مثل: حب الأدب والتاريخ وصراعات داخلية مع والده. هذه المشاعر غير المدركة بوعيه تظهر في سلوكياته وتفكيره بطرق غير واضحة ومباشرة. أما الشعور، فهو الجانب الذي يحتوي على الأفكار والمشاعر التي يدركها الشخص بوضوح. كما أنه يشعر بالذنب والعار والندم بعد دخوله السجن، وتظهر هذه المشاعر في أقواله للمحامي وفي تفاعلاته اليومية.

تأثير الأحداث في الصحة النفسية

تأثير الأحداث في الصحة النفسية يمكن أن يكون عميقًا ومتعدد الأوجه، ويظهر ذلك جليًا في حالة عرفة. يعبر شعوره بالندم والعار عن صراعه الداخلي بين الأنا العليا والأنا، حيث يشعر بأنه خذل القيم والمبادئ التي ترسخت فيه من والده والمجتمع. كما يعكس الشعور بالغربة والانفصال تأثيرًا آخر على صحته النفسية، حيث يشعر بالغربة في داره بسبب عدم توافق رغباته مع توقعات والده، مما يزيد من التوتر والضغط النفسي. وعلاوة على ذلك، ينعكس الانفصال عن الواقع من خلال انفصام الشخصية والهلوسات التي يعاني منها، حيث تظهر كآلية هروب من الواقع المؤلم الذي يعيش فيه. فيما يتعلق بالرسائل والمشاعر الحبيسة، فإن مشاعر الكراهية والحنق تجاه والده تظهر في الرسائل التي يرسلها إليه، مما يعكس الصراع الداخلي والشعور بالظلم والقهر. وتعكس هذه الرسائل أيضًا حاجته الداخلية إلى معرفة ما إذا كان والده يحبه أو يشفق عليه، وتعكس حاجته العميقة إلى قبول والده إياه، واعترافه به. هذه الأحداث توضح كيف يمكن أن تؤثر التجارب الحياتية الصعبة في صحة الفرد النفسية بصورة مباشرة وعميقة.

دور اللاشعور وميكانيزمات الدفاع

تأثير التجارب المبكرة في النفس يمكن أن يكون مهمًّا في تشكيل الشخصية. ذكريات عرفة عن الازدراء من والده قد تكون مخزنة في اللاشعور، وتؤثر في تصرفاته ومشاعره، ويمكن أن تكون هذه الذكريات مصدر الصدمة النفسية التي يعاني منها عرفة، وهذا ما أدى إلى مشاعر الحزن والعدمية. واستخدم عرفة أيضًا ميكانزيم الدفاع مثل: التبرير أو الإنكار للتعامل مع علاقته السيئة مع والده، وذلك من خلال تبرير تمرده وميوله نحو الأدب والتاريخ، ويمكن له أن يحاول الابتعاد من أثر والده السلبي.

تأثير الأحداث في الصحة النفسية

تأثير الأحداث في الصحة النفسية يُعدّ موضوعًا مهمًا يستحق البحث والتحليل، فهو يلقي الضوء على كيفية تشكل شخصية الإنسان وتطورها، وكذلك على العواقب النفسية للتجارب السلبية التي يمكن أن يمر بها الفرد في حياته. ومن المثير للاهتمام أن نركز في هذا السياق على المشهد الذي يُستخدم العنف الجسدي فيه بوصفه وسيلة للتأديب والسيطرة، كما هو الحال في مثال عرفة. المشهد الذي يصف استخدام صفعة الأب لعرفة يظهر الآثار النفسية الضارة التي يمكن أن تنجم عن التعرض للعنف الجسدي في سن مبكرة. يتأثر الطفل بصورة كبيرة من خلال هذه التجارب، ويعاني من تأثيرات سلبية قد تستمر معه على المدى الطويل.

أحد أبرز التأثيرات النفسية لتجربة العنف الجسدي هو تدني احترام الذات. فالإذلال الجسدي يترك الطفل بشعور دائم بالنقص والدونية، حيث يشعر بأنه غير مرغوب فيه وغبي بسبب التصرفات التي أدت إلى تعرضه للعنف. وهذا يؤثر سلبًا في ثقته بنفسه وقدرته على التفاعل بثقة مع الآخرين، مما يؤدي إلى تشكل صورة سلبية عن الذات. إضافة إلى ذلك، يعيش الطفل الذي يتعرض للعنف الجسدي في حالة من الخوف المستمر والقلق. يزرع التعرض للعقاب الجسدي في الوقت نفسه خوفًا مستمرًا في نفس الطفل من المواقف التي قد تؤدي إلى هذا العقاب؛ مما يجعله يعيش في حالة دائمة من القلق والحذر وعدم الاستقرار. كما يواجه الطفل الذي يتعرض للعنف الجسدي صعوبة في التعبير عن مشاعره بحرية. فعندما يُقمَع تعبيره عن مشاعره ويُستَبدَل العنف بها، يتعلم الطفل أن التعبير عن مشاعره غير مقبول أو يمكن أن يقابله العقاب. وهذا يؤدي إلى صعوبة في التعبير عن العواطف والمشاعر الحقيقية، مما يسهم في تراكم المشاعر السلبية داخل الطفل، ويؤثر في قدرته على التفاعل العاطفي مع الآخرين. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي التعرض للإذلال الجسدي إلى الانعزال الاجتماعي، حيث يشعر الطفل بالخجل والإحراج من موقفه، مما يؤدي إلى انعزاله عن الآخرين وتجنب التفاعل الاجتماعي خوفًا من تكرار التعرض للإذلال أو الشعور بالخجل أمام الآخرين. يتعلم الطفل من خلال تجربته مع العنف أن العنف هو وسيلة مقبولة للتعامل مع المشكلات، مما يمكن أن يؤدي إلى تبني سلوك عدواني في المستقبل.

لذا، فإن التأثيرات النفسية للتعرض للعنف الجسدي يمكن أن تكون عميقة ومستمرة على الصحة النفسية للطفل، ويمكن أن تؤدي إلى مشكلات نفسية طويلة الأمد مثل: الاكتئاب واضطرابات القلق واضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD). ومن خلال تحليل شخصية عرفة وفقًا لنظرية فرويد، يمكننا أن نرى كيف تتداخل الدوافع اللاشعورية والصراعات الداخلية مع تأثيرات البيئة الاجتماعية.

منهج العقاد في تحليل شخصية عرفة

في منهج العقاد يجري التركيز على عوامل تطوير الشخصية والتميز الفردي، ففلسفة الإرادة الحرة تعكس فكر العقاد عن قدرة الفرد على تحقيق النجاح والتميز برغم الظروف الصعبة. عرفة على سبيل المثال، استخدم إرادته الحرة ليتمكن من اكتشاف مواهبه وتطويرها في مجالات الأدب والتاريخ. أما الشخصية الفريدة فتعكس الاهتمام بتنمية الهوية الفردية، والابتعاد من القيود المفروضة من البيئة والمجتمع. قرار عرفة بالتمرد على سلطة والده يعكس رغبته في التميز وتطوير هويته الخاصة بعيدًا من التقاليد. أما بالنسبة إلى التحرر من القيود فيعبر عن استعداد الفرد لتحدي القيود المجتمعية والدينية التي قد تقيده، ومن خلال تمرده واستقلاليته، يسعى عرفة إلى البحث عن الحرية الفكرية والنفسية، فيعكس مبدأ التحرر الذي كان يؤمن به العقاد. وباستخدام هذه القيم والمبادئ، يمكن لعرفة أن يتطور وينمو بوصفه شخصية فريدة ومستقلة، وقادرة على تحقيق النجاح والتميز في حياته.

  • العزلة والبحث عن الذات

    اختيار عرفة العزلة والسعي نحو المعرفة والفن يمكن أن يكون تعبيرًا عن رغبته في البحث عن ذاته والتفرد، فالعقاد يؤمن بقوة الفرد وقدرته على تشكيل مصيره.

  • التحرر من القيود

    يعبر عن استعداد الفرد لتحدي القيود المجتمعية والدينية التي قد تقيده من خلال تمرده واستقلاليته، فعرفة يسعى إلى البحث عن الحرية الفكرية والنفسية، ويعكس مبدأ التحرر الذي كان يؤمن به العقاد.

تعكس حادثة تعرض عرفة للعنف الجسدي في سن الثالثة كيف يمكن للإذلال العائلي أن يؤثر صورة عميقة في تحولات الشخصية ونمو الطفل النفسي. ويمتد أثر الإذلال الجسدي النفسي ليشمل تدني احترام الذات، والخوف المستمر، وصعوبة في التعبير عن المشاعر، والانعزال الاجتماعي، وتعلم العنف كوسيلة للتعامل. هذه التأثيرات يمكن أن تكون لها عواقب طويلة الأمد على الصحة النفسية للطفل، فيصبح من الضروري تبني أساليب تربوية أكثر حبًا وتفهمًا لحماية صحة الأطفال النفسية والعاطفية.

الخاتمة

كانت هذه الدراسة تهدف إلى الإجابة عن سؤالين رئيسين: كيف أثرت تجارب الإذلال العائلي برواية "أغلال عرفة" في تكوين الشخصية والهوية؟ وما الآثار النفسية للإذلال العائلي في تحولات الشخصية الروائية؟ من خلال تطبيق المنهج النفسي الفرويدي على تحليل رواية "أغلال عرفة" لعبد الرحمن سفر، توصلنا إلى النتائج الآتية:

  • تأثير الإذلال العائلي في تكوين الشخصية والهوية:

    أظهرت الدراسة أن تجارب الإذلال العائلي التي تعرضت لها شخصية عرفة أسهمت بصورة كبيرة في تكوين هويته وشخصيته، حيث تجلى ذلك في شعور دائم بالدونية والاضطراب الداخلي، مما أعاق قدرة عرفة على بناء هوية قوية ومستقلة.

  • الآثار النفسية للإذلال العائلي في تحولات الشخصية:

    بينت الدراسة أن الإذلال العائلي أدى إلى آثار نفسية عميقة مثل: القلق، والاكتئاب، والشعور بالدونية. وعلى الرغم من ذلك، شهدنا تحولًا تدريجيًا في شخصية عرفة من فرد يعاني من الخوف والإذلال إلى شخصية أكثر وعيًا بذاتها وقادرة على مواجهة تحديات الحياة.

  • صور الإذلال وأنماطه:

    تطرقت الرواية إلى مختلف صور الإذلال العائلي، من العنف اللفظي والجسدي إلى الإهمال العاطفي، مما أظهر تنوعًا في التأثيرات النفسية لكل نوع من هذه الأنماط على تكوين الشخصية والهوية.

توصيات لتطبيق المنهج النفسي على روايات أخرى:

  • يوصى بتطبيق هذا المنهج النفسي الفرويدي على روايات تتناول موضوعات مشابهة مثل: الإذلال العائلي والصراعات النفسية، حيث يمكن أن يساعد هذا على فهم أعمق لتجارب الشخصيات الروائية وتحليل تأثير الطفولة والتجارب العائلية في تكوين الهوية السردية.
  • يوصى بإجراء دراسات تشمل تجارب الإذلال في سياقات ثقافية واجتماعية متنوعة لفهم كيفية تأثير العوامل الثقافية والاجتماعية في تجارب الإذلال والهوية، وكذلك بالتركيز على التأثيرات الطويلة الأمد للإذلال العائلي في الصحة النفسية.
  • يمكن أن تُسهم هذه الرواية ومثيلاتها في توسيع نطاق فهمنا للآثار النفسية للإذلال العائلي، وتطبيق هذا الفهم لتحسين الصحة النفسية للأفراد في مختلف السياقات الأدبية والاجتماعية.